تغذية مرضى التوحد

0

التغذية السليمة من الأمور الرئيسية للتمتع بحياة صحية. خاصةً مع من يُعاني من مشكلة صحية ما. ونحن هنا نخص بالذكر مرضى التوحد أو ASD. وهو حالة عصبية تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل وتستمر إلى آخر العمر. يؤثر هذا الاضطراب على وظائف المخ المتعلقة بمجالات التفاعل الاجتماعي ومهارات الاتصال بشكل عام. وتشمل أعراضه عادة تأخر الكلام، وعدم الرغبة في اللعب مع الأخرين، بالإضافة إلى ضعف التواصل البصري. وقد أثبتت الأبحاث أن تغذية مرضى التوحد باتباع جدول غذائي لأطفال التوحد يشمل العناصر الغذائية اللازمة تُمكن الدماغ من العمل بشكل أفضل، وبالتالي تساعد بشكل كبير على تخفيف هذه الأعراض. وعلى النقيض يمكن أن يؤثر النظام الغذائي السيء بشكل سلبي على النواحي الحياتية للطفل كالحالة المزاجية والتعلم والنوم. سنتحدث في هذا المقال عن تغذية مرضى التوحد من الأطفال بشكل عام بدءًا بالمشاكل المتعلقة بها، وكيفية التغلب على تلك المشاكل، ومرورًا بالأطعمة المسموحة والأطعمة الممنوعة في النظام الغذائي.

 

مشاكل تغذية مرضى التوحد من الأطفال

يواجه العديد من الأطفال تحديات يمكن أن تجعل من الصعب اتباع نظام غذائي مغذي. وفقاً لبعض الأبحاث والتحليلات التي أجراها مركز ماركوس للتوحد في كلية الطب بجامعة إيموري فإن الأطفال المصابين بالتوحد أكثر عرضة خمس مرات لمواجهة تحديات وقت تناول الطعام. قد تشمل هذه التحديات سلوكيات الأكل التي تتكرر باستمرار على شكل طقوس، أو نوبات الغضب أو الانتقائية الشديدة للطعام وغيرها من الأمور التي بدورها تؤدي لحدوث المخاوف الصحية التالية:[1]Nutrition and Autism, autismspeaks.org, Edited 01-01-2022

 

اختيار طعام محدد وكره الأطعمة الأخرى بشدة

تشير الأبحاث إلى أن 69% من الأطفال التوحديين لا يريدون تجربة أنواع جديدة من الأغذية. وذلك نظراً لأن الأطفال المصابين بالتوحد يكونون حساسين للغاية تجاه مذاق الأطعمة ورائحتها ولونها وملمسها. ونتيجة لذلك قد يتجنبون تمامًا بعض الأطعمة وربما يتجنبون مجموعات كاملة من الطعام كالخضروات أو البقوليات. وغالبًا ما تكون الأطعمة غير المحببة بالنسبة لهم ذات نكهة قوية كالخضروات والفاكهة أو لها قوام لين أو زلق.

 

عدم تناول ما يكفي من الطعام

يجد الطفل المصاب بالتوحد صعوبة كبيرة في التركيز على فعل مهمة واحدة لفترة طويلة. على سبيل المثال قد يكون من الصعب على الطفل الجلوس لتناول وجبته بالكامل من البداية إلى النهاية مما يؤدي إلى عدم تناول ما يكفي من الطعام.

 

الإمساك

يحدث ذلك بسبب اقتصار خيارات الطفل الغذائية على نوع معين من الأطعمة، أو بسبب انخفاض مستويات النشاط البدني لديه أو بسبب الأدوية. وعادة ما يتم علاج الإمساك عن طريق تناول الكثير من السوائل، وزيادة مصادر الألياف الغذائية تدريجيًّا، كالفواكه والخضروات وحبوب النخالة، بالإضافة على ممارسة نشاط بدني منتظم.

 

التفاعلات الدوائية

تعمل بعض الأدوية المستخدمة في علاج مرض التوحد على خفض شهية الطفل وعلى العكس قد تؤدي بعض الأدوية الأخرى إلى زيادة الشهية أو التأثير على امتصاص الفيتامينات والمعادن. وهذا يؤدي إلى تناول كمية طعام غير طبيعية سواءً كانت زائدة أو قليلة والذي بدوره يؤثر في نمو الطفل. لذلك لابد من سؤال مقدم الرعاية الصحية عن الآثار الجانبية المحتملة ومحاولة تجنبها قدر الإمكان.[2]Autism Spectrum Disorders and Diet, www.eatright.com, Edited 01-01-2022

 

متى ينبغي على الآباء الشعور بالقلق حيال تغذية الطفل المصاب بالتوحد

  • إذا كان الطفل يتوتر كثيرًا أثناء تناول الطعام.
  • عندما يخسر الطفل وزنًا بصورة غير طبيعية أو ظهرت عليه علامات تأخر الصحة.
  • إذا كان الطفل مقتصر في وجباته على عدد قليل جداً من أنواع الأطعمة.

 

الأغذية الممنوعة للطفل التوحدي

الطعام الذي يتناوله أي شخص ربما يكون ذا فائدة أو ضار، لذلك لابد من تناول ما يساعد العقل والجسم وتجنب ما يؤذيهما. إليك 5 أطعمة لابد أن يتجنبها الطفل المصاب بالتوحد لأنها ربما تجعل أعراض الاضطراب أكثر سوءً:

 

  1. الألبان

تحتوي منتجات الألبان على الكازين الذي عند تناوله قد يسبب العديد من المشاكل. فعند اختلاط الكازين مع حمض المعدة، ينتج شيئاً يسمى الإسكورفين بمواقع المستقبلات الأفيونية والتي بدورها قد تؤدي إلى عدم القدرة على التركيز، وضباب الدماغ، وعدم الإحساس بالألم على سبيل المثال لا الحصر.

ولم ينته الأمر بعد، إذ تعتبر منتجات الألبان من مسببات الالتهابات في النظام الغذائي الأمريكي القياسي. ووفقًا لدراسة أجريت عام 2018 في مجلة Pharmaceuticals فإن التوحد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالالتهاب وضعف الجهار المناعي. وتشير الدراسة على أن التشوهات المناعية العصبية والالتهاب العصبي هي عوامل رئيسية في الحفاظ على اضطراب التوحد وتطوره.

وبالتالي فإن تجنب محفزات الالتهاب كالألبان أمر بالغ الأهمية. وهناك العديد من المصابين بالتوحد الذين امتنعوا عن تناول منتجات الألبان ولاحظوا تطورًا في تحدثهم وفرط نشاطهم وكذلك حل لمشاكل الأمعاء.

 

  1. الغلوتين

الغلوتين عبارة عن خليط من البروتينات الموجودة في الحبوب كالقمح والجاودار والشعير وله تأثير خطير على المريض بالتوحد. فعند تناول الغلوتين يزيد الالتهاب الجهازي وتتكون أجسام مضادة للجلوتين والتي قد تؤدي إلى تحفيز العقل وعدم الراحة. يقلل الغلوتين أيضاً من البكتريا الجيدة في الجهاز الهضمي مما قد يؤدي إلى زيادة الشعور بالإجهاد والقلق والاكتئاب.

كما أن الجزء الخلفي من الدماغ يوجد فيه ما يسمى بالمخيخ والذي من ضمن وظائفه المشاركة في التنسيق الحركي والفكري، ومعالجة المعلومات المعقدة. ووفقاً لبعض الدراسات فإن الغلوتين يؤثر سلباً على عمل هذا الجزء الهام من الدماغ. وفي الواقع، فإن المصابين بالتوحد غالباً ما يكون لديهم بالفعل ضعف في أداء المخيخ، وبالتالي استهلاك الغلوتين قد يزيد الأمر سوءاً.

 

  1. الذرة

تشير بعض الدراسات إلى وجود صلة محتملة بين خطر الإصابة بالتوحد والتعرض لمبيدات الأعشاب كالغيلفوسات. ووفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية فإن الذرة يحتل المرتبة الأولى في المحاصيل التي تستخدم مبيدات الآفات منذ عام 1972.

ضف على ذلك أن الذرة يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير الصحية أكثر من أي نوع أخر (بمعنى أن أحماض أوميغا 6 الدهنية المعززة للالتهاب أكثر من أحماض أوميغا 3 الدهنية المضادة للالتهاب). ولذلك لا يفضل تناول الذرة للطفل المصاب بالتوحد.

 

  1. السكر

من المعروف أن السكر من مسببات الالتهابات، ولكن لا تكمن الخطورة في ذلك فحسب، فالسكر يزيد من عمل خلايا الدماغ بشكل غير منتظم ويسبب الإدمان. والأطفال المصابون بالتوحد في الواقع يعانون من ضعف في تحمل الجلوكوز والمستويات المفرطة من الأنسولين، ولهذا السبب يمكن أن يؤدي استهلاك السكر إلى تضخيم إشارات الأنسولين غير السليمة.

يعاني الأطفال المصابون بالتوحد أيضاً من ضعف التمثيل الغذائي للسكريات نتيجة لنقص في مستويات الإنزيمات والناقلات المشاركة في هضم السكريات. وبالتالي فإن تجنب السكر والكربوهيدرات المكررة واستهلاك البروتينات الخالية من الدهون يساعد بشكل كبير على تخفيف الأعراض عن طريق تجسين التركيز وتقليل الاندفاع.

 

  1. المكونات الصناعية

هناك دراسة أجريت عام 2019 تقول إن من أسباب الارتفاع الحاد في الإصابة بالتوحد هو كثرة تناول الأطعمة المصنعة التي تحتوي على المواد الحافظة. فحاول ان تجنب تناول الطفل للأطعمة التي تحتوي على المواد المضافة والمواد الحافظة والألوان الصناعية والأصباغ والمنكهات والمحليات الصناعية وما شابه ذلك.  فعلى الرغم من خطورة هذه المنتجات وكونها ليست أطعمة بحق إلا أنها للأسف موجودة في جميع متاجرنا.[3]5 Food That Make Autism Worse, www.amenclinic.com, Edited 01-01-2022

 

جدول غذائي لأطفال التوحد

يختلف النظام الغذائي السليم لكل طفل عن الأخر على حسب تفضيلاته والعناصر الغذائية التي يتناولها. وتشير الدراسات إلى أن أكثر المغذيات نقصًا لدى الأطفال المصابين بالتوحد هي حمض الفوليك والزنك والألياف والحديد والكالسيوم وفيتامينات أخرى. لذا، يوصى بتناول الأطعمة الآتية للمساعدة في الحصول على التوازن الصحيح لهذه العناصر الغذائية لدي الطفل:

  • الفاصوليا
  • البيض
  • الفول السوداني وزبدة الفول السوداني
  • بذور زهرة عباد الشمس
  • حليب الصويا
  • المأكولات البحرية
  • التين المجفف والمشمش
  • الخضروات الصليبية كاللفت والبروكلي
  • اللوز وحليب اللوز
  • السبانخ
  • العدس
  • الشوكولاتة الداكنة
  • اللحم البقري الخفيف، لحم الديك الرومي، الدجاج
  • الحمص
  • دقيق الشوفان
  • البازلاء الخضراء
  • البطيخ
  • المانجو
  • الطماطم
  • الجزر
  • الفلفل الأحمر
  • البنجر الأخضر
  • الأفوكادو
  • البصل والثوم
  • اليقطين
  • الحمضيات كالبرتقال واليوسفي
  • الجوز
  • الأرز

تحتوي هذه الأطعمة على العديد من العناصر الغذائية الهامة والجمع بينها بطرق صحية مختلفة سيساعد بشكل كبير في حصول الطفل على غذاء عالِ الجودة.[4]The Optimal Food for Autism (& What to Avoid), www.joinsprouttherapy.com, Edited 01-01-2022

 

ما يمكن فعله لمساعدة الطفل على التغلب على مشكلات التغذية

في البداية لابد أن نعلم أن مراحل علاج الطفل المصاب بالتوحد قد تكون صعبة قليلاً، ولكنها ليست مستحيلة فالموضوع يتطلب بعض الصبر والجهد ثم ستجد نتيجة إيجابية بإذن الله. هناك العديد من الآباء والأمهات الذين حاولوا تجربة النصائح التالية ووجدوا تحسنًا ملحوظًا في أعراض مرض التوحد، فاستعن بالله وأبدأ بتطبيقها تدريجيًّا ليستمتع الطفل برحلة العلاج.

  • تناول الوجبات في هدوء وراحة: تجنب تناول الطعام أثناء التنقل أو على عجل وخصص وقتًا كافيًا لتناول الطعام في أجواء مريحة خالية من الإجهاد، وهذا ليس بالأمر السهل أحياناً عندما تكون العائلة مشغولة!
  • وضع روتين لأوقات الوجبات: يولع الأطفال المصابون بالتوحد بالروتين، لذا فإن وضع خطة محددة متسقة لأوقات الوجبات سيساعد بشكل كبير. ويتم ذلك عن طريق اختيار وقتاً ومكاناً منتظمين لتناول الطعام.
  • وضع خطة مرئية حول وقت الوجبة: يشعر الكثير من الأطفال بالقلق إزاء موعد انتهاء النشاط فحاول أن تظهر لهم خطوات تناول الوجبة، وأن تجعلهم على علم بموعد انتهائها. ويا حبذا إن حاولت إشراك طفلك في عملية تحضير الطعام.
  • تعرف على سبب رغبة طفلك في تناول الطعام بمفرده إذا كان يفعل ذلك. ربما يكون ذلك بسبب وجود أصوات أو مشاهد تزعجه. وفي هذه الحالة يستحسن منعها.
  • ابحث عن أسباب عدم تحمل الطفل لتناول الطعام: قد يكون ذلك اضطرابات في الأمعاء، أو انتفاخ المعدة، أو إسهال، أو صداع، أو اضطرابات النوم، أو ارتجاع الحمض وغيرها من العلامات التي لابد من التأكد من عدم معاناة الطفل من أي منها.
  • امنح الوقت لطفلك لاستكشاف أطعمة جديدة: يأخذ الطفل فترة من الوقت للتعرف على الطعام الجديد واستكشافه والتعود عليه فامنحه الوقت لذلك. وقد يحتاج الطفل أن يعرض عليه الطعام حوالي 20 مرة حتى يعتاد عليه!
  • إذا كان الطفل يتبع نظاماً غذائياً محدوداً فلابد من استشارة الطبيب لمعرفة الفيتامينات والمعادن اللازمة.
  • قدم وجبة خفيفة كل ساعتين ونصف ولا تنتظر أن تصيب طفلك آلام الجوع.

 

المراجع[+]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.